نظرة عامة على المفاهيم
"الشخص" ليس مجرد كائن بيولوجي، بل هو ذات واعية، لها هوية وقيمة، وتواجه إشكالية الحرية والضرورة. يتناول هذا الدرس الأسس الفلسفية لهذه الأبعاد الثلاثة: الهوية، القيمة، والحرية.
بحث في مفهوم الشخص وهويته، مصدر قيمته، ومدى حريته بين الضرورة والاختيار.
"الشخص" ليس مجرد كائن بيولوجي، بل هو ذات واعية، لها هوية وقيمة، وتواجه إشكالية الحرية والضرورة. يتناول هذا الدرس الأسس الفلسفية لهذه الأبعاد الثلاثة: الهوية، القيمة، والحرية.
ما الشخص؟ ما الهوية؟ على أي أساس تقوم هوية الشخص؟ هل تقوم على العقل والفكر، أم على الشعور والإدراك الحسي والذاكرة، أم على الإرادة؟ وهل هوية الشخص ثابتة أم متغيرة؟
ما يجعل الشيء أو الشخص هو هو، مطابقاً لذاته ومتميزاً عن غيره؛ جوهره الثابت.
عند ديكارت: الخاصية الأساسية للذات ("أنا أفكر") التي تثبت وجودها وتحدد هويتها اليقينية.
عند لوك: وعي الذات بأفعالها وأفكارها عبر الإدراك الحسي والذاكرة، وهو أساس الهوية المستمرة.
عند شوبنهاور: القوة الحيوية الأساسية ("إرادة الحياة") التي تدفع الكائن وتحدد هويته الحقيقية.
يرى أن هوية الشخص، ككائن عاقل مفكر، تقوم على الشعور والوعي بأفعاله وأفكاره، وامتداد هذا الوعي عبر الذاكرة.
انطلاقاً من الكوجيتو ("أنا أفكر، إذن أنا موجود")، يؤكد ديكارت أن الفكر هو الخاصية الجوهرية التي تحدد هوية الذات ووجودها اليقيني.
ينتقد لوك وديكارت، ويرى أن هوية الشخص الحقيقية لا تكمن في الفكر أو الوعي، بل في الإرادة ("إرادة الحياة").
تتعدد الأسس التي تُبنى عليها هوية الشخص في الفلسفة؛ فمن منظور تجريبي (لوك)، ترتبط الهوية بالوعي الممتد عبر الشعور والذاكرة. ومن منظور عقلاني (ديكارت)، يتحدد جوهر الذات وهويتها في الفكر اليقيني. ومن منظور إرادوي (شوبنهاور)، تكمن الهوية الحقيقية في الإرادة الثابتة التي تحرك الكائن. يعكس هذا التعدد تعقيد الذات الإنسانية، التي قد تكون مزيجاً من هذه الأبعاد، ويثير التساؤل حول مدى ثبات الهوية أو تغيرها عبر الزمن.
ما الذي يمنح الشخص قيمته ويميزه عن باقي الكائنات والأشياء؟ هل تستمد هذه القيمة من كونه ذاتاً عاقلة وأخلاقية (كما يرى كانط)، أم من انفتاحه الاجتماعي وتضامنه مع الآخرين (كما يرى غوسدورف)؟ وهل قيمة الشخص مطلقة أم مشروطة؟
الأهمية أو المكانة التي تُمنح للشخص، ما يجعله جديراً بالاحترام والتقدير.
عند كانط: مبدأ أخلاقي كلي يفرض معاملة الإنسانية (في الذات والغير) كغاية لا كوسيلة.
عند غوسدورف: الترابط الاجتماعي والمشاركة مع الآخرين كأساس لاكتساب الشخص لقيمته الحقيقية.
مفهوم ينتقده غوسدورف: الاعتقاد بقدرة الفرد على العيش بمعزل عن الآخرين وتحقيق قيمته بانعزاله.
يؤكد أن قيمة الشخص مطلقة وتكمن في كونه ذاتاً لعقل عملي أخلاقي، مما يجعله غاية في ذاته.
ينتقد التصور الكانطي الفرداني، ويرى أن قيمة الشخص الحقيقية لا تتحقق بالاستكفاء والانعزال، بل بالانفتاح على الآخرين والتضامن معهم.
يكشف النقاش حول قيمة الشخص عن بعدين متكاملين: البعد الذاتي الداخلي والبعد الاجتماعي الخارجي. فبينما يؤكد كانط على القيمة المطلقة المتأصلة في العقل الأخلاقي والكرامة الإنسانية، مما يحمي الفرد من الاستغلال، يبرز غوسدورف أهمية البعد الاجتماعي والتضامن في تحقيق هذه القيمة فعلياً ومنحها معنى واقعياً. قد تكون القيمة الحقيقية للشخص نتاج تفاعل بين كونه غاية في ذاته (بسبب عقله وكرامته) وبين انخراطه الفعال والإيجابي في المجتمع وتضامنه مع الآخرين.
هل الإنسان كائن حر بشكل مطلق، قادر على تجاوز كل الضرورات وصنع ذاته بنفسه (كما يرى سارتر)؟ أم أن حريته مقيدة ومحدودة بالشروط الواقعية والاجتماعية والنفسية، ولا يمكن الحديث إلا عن حرية نسبية ومشروطة (كما يرى مونييه)؟ هل الإنسان مشروع يصنع نفسه أم هو نتاج ضرورات تحكمه؟
استقلال الذات وقدرتها على الاختيار والفعل دون إكراه خارجي أو داخلي.
الحتميات أو الشروط (طبيعية، اجتماعية، نفسية) التي تقيد حرية الشخص وتحد من اختياراته.
عند سارتر: الإنسان كائن يوجد أولاً ثم يصنع ماهيته بنفسه عبر اختياراته وأفعاله الحرة.
عند مونييه: حرية ممكنة لكنها مقيدة بالواقع وشروطه، تتطلب جهداً لتحقيقها ضمن هذه الشروط.
يؤكد على الحرية المطلقة للإنسان؛ فالإنسان يوجد أولاً ثم يحدد ماهيته بنفسه عبر أفعاله واختياراته.
يرى أن حرية الإنسان ليست مطلقة، بل هي حرية مشروطة ومقيدة بالواقع وظروفه.
تمثل إشكالية الحرية والضرورة توتراً أساسياً في فهم وضع الإنسان. فبينما تشدد الوجودية السارترية على الحرية المطلقة والمسؤولية الكاملة للإنسان كمشروع مفتوح، تقدم الشخصانية (مونييه) رؤية أكثر واقعية تعتبر الحرية ممكنة لكنها مشروطة ومقيدة بظروف الواقع. كلا المنظورين يقران بقدرة الإنسان على الفعل والتأثير، لكنهما يختلفان في مدى هذه القدرة وحدودها. ربما تكمن حقيقة الوضع الإنساني في هذا التوتر نفسه: كائن يسعى للحرية والتجاوز ضمن عالم محكوم بالضرورات والشروط.
يكشف درس الشخص عن تعدد الأبعاد التي تشكل هذا الكائن المعقد. هويته تتأرجح بين الفكر والشعور والإرادة، وقيمته تستمد من العقل الأخلاقي والتضامن الاجتماعي، وحريته تتراوح بين المطلق والمشروط في مواجهة ضرورات الواقع.
لا يوجد تصور واحد كافٍ لفهم الشخص. تعدد المواقف الفلسفية يعكس غنى وتعقيد التجربة الإنسانية. فهم الشخص يتطلب تكامل الأبعاد العقلية، الحسية، الإرادية، الأخلاقية، والاجتماعية، وإدراك التوتر الدائم بين الحرية والضرورة.
في نهاية المطاف، يدعونا التفكير الفلسفي في مفهوم الشخص إلى تقدير قيمته وكرامته، واحترام حريته ومسؤوليته، والسعي لفهم أعمق لهويته المتعددة الأوجه، سواء في ذاتنا أو في الآخرين.
الذات الواعية المفكرة، التي تتميز بالهوية والقيمة والحرية والمسؤولية.
ما يجعل الشخص هو هو مطابقاً لذاته عبر الزمن ومتميزاً عن غيره (قد ترتبط بالفكر، الشعور، الإرادة...).
الخاصية الجوهرية للذات التي تثبت وجودها وتحدد هويتها اليقينية.
وعي الذات بأفعالها وأفكارها عبر الإدراك الحسي والذاكرة، كأساس للهوية المستمرة.
القوة الحيوية الأساسية ("إرادة الحياة") التي تحدد هوية الشخص الحقيقية والثابتة.
الأهمية والمكانة التي تجعل الشخص جديراً بالاحترام والتقدير (قد تكون بسبب العقل، الأخلاق، التضامن...).
مبدأ كانط: "عامل الإنسانية في شخصك وشخص غيرك كغاية لا كوسيلة".
عند غوسدورف: الترابط والمشاركة مع الآخرين كأساس لقيمة الشخص الحقيقية.
قدرة الشخص على الاختيار والفعل باستقلالية ودون إكراه.
الحتميات أو الشروط (طبيعية، اجتماعية...) التي تقيد حرية الشخص.
عند سارتر: الإنسان يوجد أولاً ثم يصنع ماهيته بنفسه عبر اختياراته الحرة.
عند مونييه: حرية ممكنة لكنها مقيدة بالواقع، تتطلب جهداً لتحقيقها ضمن الشروط.
ما هو ثابت وماهوي في الشيء أو الكائن، لا يتغير بتغير الأعراض.
مصطلح فلسفي يرتبط بالأنا الواعي والمفكر، ويدل على الشخص أو الوعي بالذات.
الأداة أو الشيء الذي يُستخدم لتحقيق غاية أخرى، قيمته مشروطة بمنفعته (عكس الغاية).